كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



الشَّيْطَانُ يُزَيِّنُ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مَا هُوَ مُسْتَعِدٌّ لَهُ وَقَرِيبٌ مِنْ أَخْلَاقِهِ وَآرَائِهِ الَّتِي تَرَبَّى عَلَيْهَا، وَمُنَاسِبٌ لِحَالِهِ وَشُعُورِهِ الَّذِي يَكُونُ غَالِبًا عَلَيْهِ، فَإِذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ فِي اللَّيْلِ، وَهُوَ فِي حَالِ نُعَاسٍ أَوْ فُتُورٍ زَيَّنَ لَهُ النَّوْمَ وَتَرْكَ الصَّلَاةِ إِلَى وَقْتِ الْيَقَظَةِ وَالنَّشَاطِ؛ لِأَجْلِ إِقَامَتِهَا كَمَا يَرْضَى اللهُ تَعَالَى!! فَإِذَا خَالَفَهُ وَشَرَعَ فِي الصَّلَاةِ زَيَّنَ لَهُ بِوَسْوَسَتِهِ الْعَجَلَةَ وَالِاخْتِصَارَ، وَقِرَاءَةَ السُّوَرِ الْقِصَارِ، أَوْ قِرَاءَةَ السُّورَةِ مِنْ مُتَوَسِّطِ الْمُفَصَّلِ فِي رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَإِذَا وَجَدَ مِنْهُ جِدًّا وَنَشَاطًا فِيهَا فَقَدْ يُزَيِّنُ لَهُ الْمُبَالَغَةَ فِي التَّطْوِيلِ؛ لِيُسْرِعَ إِلَيْهِ الْمَلَلُ، و«أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ» كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحِهِمَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ. وَإِذَا كَانَتْ تَرْبِيَتُهُ الدِّينِيَّةُ مُنَفِّرَةً مِنَ الْكَبَائِرِ، أَغْرَاهُ بِمُقَدِّمَاتِهَا وَوَسَائِلِهَا مِنَ الصَّغَائِرِ، وَرُبَّمَا أَفْتَاهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (4: 31) وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَذَا أَنْ يَحْتَقِرَ الْإِنْسَانُ الصَّغَائِرَ وَيَتَعَمَّدَهَا وَيُوَاظِبَ عَلَيْهَا كَالْمُسْتَحِلِّ لَهَا، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا قَلَّمَا يَسْلَمُ مِنَ التَّدَرُّجِ مِنْهَا إِلَى الْكَبَائِرِ، وَلَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ اللَّمَمُ، وَهُوَ مِمَّا يُلِمُّ بِهِ الْمَرْءُ إِذَا مَا عَرَضَ لَهُ، وَلَا يَتَعَمَّقُ فِيهِ وَلَا يُصِرُّ عَلَيْهِ، بَلْ يَلُومُ نَفْسَهُ عَلَيْهِ وَيَتُوبُ مِنْهُ، (وَقَدْ بَيَّنْتُ هَذَا الْمَعْنَى فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّوْبَةِ مِنْ تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ- ج 4) فَإِذَا تَابَ تَنْتَقِلُ نَفْسُهُ بِهِ مِنْ دَرَكَةِ النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ إِلَى دَرَجَةِ النَّفْسِ اللَّوَّامَةِ وَلَا يَزَالُ يُجَاهِدُهَا فِي مِثْلِهِ إِلَى أَنْ يَرْتَقِيَ إِلَى دَرَجَةِ النَّفْسِ الْمُطْمَئِنَّةِ فَإِذَا هُوَ أَطَاعَ النَّفْسَ الْأَمَّارَةَ بِالسُّوءِ فَإِنَّهَا تَهْبِطُ بِهِ إِلَى دَرَكَةِ الْفُحْشِ وَالْفُجُورِ، وَرُبَّمَا تَهْوِي بِهِ إِلَى اسْتِحْلَالِ الْمَعَاصِي، وَهُوَ مِنَ الْكُفْرِ، كَمَنْ يُدْمِنُ النَّظَرَ بِشَهْوَةٍ إِلَى بَعْضِ الْحِسَانِ فَيَنْتَقِلُ مِنَ النَّظَرِ إِلَى الْمُغَازَلَةِ، وَمِنَ الْمُغَازَلَةِ إِلَى الْمُهَازَلَةِ، وَمِنَ الْمُهَازَلَةِ إِلَى الْمُلَاعَبَةِ وَالْمُبَاعَلَةِ، وَمِنْهَا إِلَى الْمُفَاعَلَةِ. قَالَ الشَّاعِرُ الْعَرَبِيُّ:
فَلَمَّا رَأَتْنِي رَأْرَأَتْ ثُمَّ أَقْبَلَتْ ** تُهَازِلُنِي وَالْهَزْلُ دَاعِيَةُ الْعُهْرِ

وَقَالَ شَاعِرٌ مُصِرٌّ فِي التَّنَقُّلِ مِنْ كُلِّ حَالَةٍ إِلَى مَا بَعْدَهَا:
نَظْرَةٌ فَابْتِسَامَةٌ فَسَلَامٌ ** فَكَلَامٌ فَمَوْعِدٌ فَلِقَاءٌ

وَقَدِ اسْتَفْتَانِي شَابٌّ مِصْرِيٌّ افْتُتِنَ بِفَتَاةٍ شَغَفَتْهُ حُبًّا، فَكَانَ يَخْلُو بِهَا- لِمَا فِي مِصْرَ فِي هَذَا الْعَهْدِ مِنْ إِبَاحَةِ ذَلِكَ عِنْدَ الْكَثِيرِينَ- فَيَتَدَاعَبَانِ حَتَّى يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ الْفَضِيحَةَ الْكُبْرَى، ثُمَّ يَتَفَارَقَانِ فَيَنْدَمُ وَيَتُوبُ، وَيَعْزِمُ أَلَّا يَعُودَ، حَتَّى إِذَا مَا زَارَتْهُ نَقَضَ الْعَزْمَ، ثُمَّ يُفَارِقُهَا فَيُبْرِمُهُ وَيُؤَكِّدُهُ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ تَغْلِبُهُ عَلَى أَمْرِهِ فَيَنْكُثُ مَا أَبْرَمَ، وَيَحْنَثُ بِمَا أَقْسَمَ، حَتَّى قَالَ أَخِيرًا: لَئِنْ عُدْتُ لَأَكُونَنَّ بَرِيئًا مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَلَكِنَّهُ عَادَ مَغْلُوبًا عَلَى أَمْرِهِ، لَا يَمْلِكُ تِجَاهَ سِحْرِ فَاتِنَتِهِ شَيْئًا مِنْ قُوَّةِ إِرَادَتِهِ، فَعَظُمَ هَذَا الْحِنْثُ الْعَظِيمُ عَلَيْهِ، وَجَاءَنِي مُسْتَفْتِيًا فِيمَا وَقَعَ فِيهِ، وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ، فَوَعَظْتُهُ وَأَرْشَدْتُهُ بِمَا أَلْهَمَنِي اللهُ تَعَالَى، وَلَمْ يَعُدْ إِلَيَّ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَا أَدْرِي كَيْفَ انْتَهَتْ فِتْنَتُهُ، وَقَدْ حَدَثَ هَذَا مُنْذُ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً هَبَطَتْ بِهَا الْبِلَادُ الْمِصْرِيَّةُ إِلَى الدَّرَكَاتِ السُّفْلَى مِنَ الْإِبَاحَةِ.
الرَّاجِحُ أَنَّ هَذَا الشَّابَّ مِنْ أَحَدِ الْبُيُوتِ الَّتِي لَا تَزَالُ فِيهَا بَقِيَّةٌ مِنَ التَّرْبِيَةِ الدِّينِيَّةِ، وَأَخْلَاقِ الْعِفَّةِ وَالْحَيَاءِ الْمَوْرُوثَةِ، وَهَذِهِ التَّرْبِيَةُ وَهَذِهِ الْأَخْلَاقُ الَّتِي كَانَ بِهَا الشَّعْبُ ذَا وُجُودٍ مُمْتَازٍ مُسْتَقِلٍّ فِي نَفْسِهِ، فَطَفِقَ دُعَاةُ الْإِلْحَادِ وَالزَّنْدَقَةِ وَإِبَاحَةِ الشَّهَوَاتِ يَهْدِمُونَهَا بِاسْمِ التَّجْدِيدِ الْمَدَنِيِّ، وَالتَّقْلِيدِ الْأُورُبِّيِّ، وَمِنْهُ وُجُوبُ السُّفُورِ الَّذِي يَعْنُونَ بِهِ إِبَاحَةَ اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ، وَمُعَاشَرَةِ الْفِتْيَانِ لِلْفَتَيَاتِ بِحُجَّةِ التَّمْهِيدِ لِلزَّوَاجِ عَنْ تَعَارُفٍ وَحُبٍّ وَاخْتِبَارٍ... وَقَدْ تَفَاقَمَتِ اسْتِبَاحَةُ التَّهَتُّكِ وَالْفُجُورِ فِي هَذِهِ السِّنِينَ إِلَى حَدٍّ يُنْذِرُ بِهَلَاكِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَالنِّسَاءُ يَرْقُصْنَ مَعَ الرِّجَالِ كَاسِيَاتٍ عَارِيَاتٍ، وَيَسْبَحْنَ مَعَهُنَّ فِي شَوَاطِئِ الْبِحَارِ، وَقَلَّمَا تُعَاشِرُ الْفَتَاةُ الْعَذْرَاءُ شَابًّا، وَلَوْ بِقَصْدِ الزَّوَاجِ عَنْ تَعَرُّفٍ وَحُبٍّ وَاخْتِبَارٍ، إِلَّا وَيَنْتَهِي هَذَا الِاخْتِبَارُ بِفَضِيحَةِ الِافْتِرَاقِ، ثُمَّ لَا يَكُونُ الزَّوَاجُ مَضْمُونًا، وَإِذَا وَقَعَ لَا يَكُونُ الْوِفَاقُ غَالِبًا، وَلَا حُبُّ شَهْوَةِ الصِّبَا دَائِمًا، بَلْ يَصِيرُ الِاخْتِبَارُ لِكُلِّ مِنْهُمَا عَادَةً مِنَ الْعَادَاتِ، وَالتَّنَقُّلُ مِنْ حَبِيبٍ إِلَى آخَرَ مِنْ أَفْتَنِ اللَّذَّاتِ، وَإِنَّ اللهَ يُبْغِضُ الذَّوَّاقِينَ وَالذَّوَّاقَاتِ.
وَقَدِ اسْتَفْتَانِي رَجُلٌ فِي امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ تَخْتَلِفُ إِلَى بَيْتِ رَجُلٍ غَيْرِ مُسْلِمٍ وَلَا وَطَنِيٍّ، تَزُورُهُ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْأُسْبُوعِ، فَتَمْكُثُ مَعَهُ إِلَى قُرْبِ الْمَغْرِبِ، هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ إِيذَانُ بَعْلِهَا بِذَلِكَ؟، وَذَكَرَ أَنَّ سَبَبَ افْتِتَانِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الْخَبِيثَةِ بِهَذَا الرَّجُلِ الْخَبِيثِ أَنَّهَا عَرَفَتْهُ عَامِلًا فِي صَيْدَلِيَّةٍ قَصَدَتْهَا مَرَّةً لِشِرَاءِ دَوَاءٍ مِنْهَا، فَتَصَبَّاهَا حَتَّى صَارَتْ تَخْتَلِفُ إِلَى الصَّيْدَلِيَّةِ لِأَدْنَى حَاجَةٍ ثُمَّ لِغَيْرِ حَاجَةٍ إِلَخْ.
فَسَدَتِ الْعَقَائِدُ وَالْأَخْلَاقُ وَتُرِكَتِ الْعِبَادَاتُ، وَأُبِيحَتِ الْأَعْرَاضُ وَاسْتُبِيحَتِ الْمُحَرَّمَاتُ وَعُبِدَ الشَّيْطَانُ فِي مَعْصِيَةِ الرَّحْمَنِ، وَتُوجَدُ جَمْعِيَّاتٌ مِنَ الرِّجَالِ وَمِنَ النِّسَاءِ يُزَيِّنُونَ لِلنَّاسِ كُلَّ هَذِهِ الْفَضَائِحِ وَالْقَبَائِحِ بِاسْمِ التَّجْدِيدِ وَالتَّمَدُّنِ، وَلَهُمْ جَرَائِدُ تَنْشُرُ دِعَايَةَ الْإِلْحَادِ وَالزَّنْدَقَةِ، وَالْإِبَاحَةِ الْمُطْلَقَةِ، إِلَّا مِنْ بَعْضِ قُيُودِ قَانُونِ الْعُقُوبَاتِ فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ. وَإِذَا أَنْذَرَهُمْ مُنْذِرٌ، وَحَذَّرَهُمْ مِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ مُحَذِّرٌ، قَالُوا: وَمَا الشَّيْطَانُ؟ وَمَا الدَّلِيلُ عَلَى وُجُودِ الشَّيْطَانِ؟ فَإِنْ قُلْتَ لَهُمْ: إِنَّ أَطِبَّاءَ الْأَرْوَاحِ وَأَسَاتِذَةَ أَمْرَاضِ الِاجْتِمَاعِ، قَدْ حَذَّرُونَا بِأَمْرِ اللهِ خَالِقِ مَا يُرَى وَمَا لَا يُرَى مِنْ نَزْغِ الشَّيْطَانِ وَتَزْيِينِهِ لِلْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ، كَمَا يُحَذِّرُنَا أَطِبَّاءُ الْأَجْسَادِ مِنْ مَيُكْرُوبَاتِ الْأَمْرَاضِ، فَهَلْ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْلِ أَنْ نَرُدَّ كَلَامَ هَؤُلَاءِ الْأَطِبَّاءِ بِحُجَّةِ أَنَّنَا لَمْ نَرَ تِلْكَ الْمَيُكْرُوبَاتِ الْمَرَضِيَّةَ، وَأَلَّا نَقْبَلَ كَلَامَهُمْ، وَلَا نَسْتَعْمِلَ أَدْوِيَتَهُمْ إِلَّا بَعْدَ رُؤْيَةِ مَا رَأَوْا، وَاخْتِبَارِ مَا اخْتَبَرُوا؟ أَلَمْ يَقُمِ الدَّلِيلُ عَلَى صِدْقِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي التَّبْلِيغِ عَنْ وَحْيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ بَلَى وَقَدْ ثَبَتَ بِالتَّجْرِبَةِ وَالِاخْتِبَارِ أَنَّ مَنِ اتَّبَعُوهُمْ صَحَّتْ عَقَائِدُهُمْ وَاسْتَقَامَتْ أَخْلَاقُهُمْ، وَصَلُحَتْ أَعْمَالُهُمْ، وَحُفِظَتْ صِحَّتُهُمْ وَأَعْرَاضُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، فَتَجْرِبَةُ مُعَالَجَتِهِمْ لِأَمْرَاضِ الْأَنْفُسِ وَالْأَرْوَاحِ، أَثْبَتُ مِنْ تَجْرِبَةِ مُعَالَجَةِ الْأَطِبَّاءِ لِأَمْرَاضِ الْأَجْسَادِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالِاخْتِبَارِ أَيْضًا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمَادِّيِّينَ الْمُنْكِرِينَ لِوُجُودِ الشَّيَاطِينِ هُمْ أَشَدُّ فَسَادًا وَإِفْسَادًا، وَمِنْهُمْ: سِكِّيرُونَ مُقَامِرُونَ، زُنَاةٌ لُوطِيُّونَ، كَذَّابُونَ مُنَافِقُونَ، مُرْتَشُونَ سَرَّاقُونَ {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} (6: 112، 113).
وَفِي مِثْلِ هَؤُلَاءِ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى فِي هَذَا السِّيَاقِ: {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ} الْغَيُّ: الْفَسَادُ. وَالْمَدُّ وَالْإِمْدَادُ الزِّيَادَةُ فِي الشَّيْءِ مِنْ جِنْسِهِ، وَقَدْ قَرَأَ نَافِعٌ {يُمِدُّونَهُمْ} بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مِنَ الْإِمْدَادِ، وَالْجُمْهُورُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْمِيمِ مِنَ الْمَدِّ، وَقُرِئَ فِي الشَّوَاذِّ {يُمَادُّونَهُمْ} بِصِيغَةِ الْمُشَارَكَةِ، وَالْمَدُّ يُسْتَعْمَلُ فِي الْقُرْآنِ فِي الْخَلْقِ وَالتَّكْوِينِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ} (13: 3) {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} (25: 45) {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} (31: 27) وَفِي مَدِّ النَّاسِ فِيمَا يُذَمُّ وَيَضُرُّ كَقَوْلِهِ: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} (19: 75) {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا} (19: 79) {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (2: 15) وَأَمَّا الْإِمْدَادُ فَفِيمَا يُحْمَدُ وَيَنْفَعُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ} (26: 133) {وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا} (17: 6) {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ} (17: 20) وَمِنْهُ إِمْدَادُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ بِالْمَلَائِكَةِ يُثَبِّتُونَ قُلُوبَهُمْ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَحُمِلَتْ قِرَاءَةُ نَافِعٍ هُنَا عَلَى التَّهَكُّمِ. وَالْإِقْصَارُ: التَّقْصِيرُ، وَأَقْصَرَ عَنِ الْأَمْرِ تَرَكَهُ وَكَفَّ عَنْهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ.
وَالْمَعْنَى مَعَ سَابِقِهِ: أَنَّ شَأْنَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ. لِحَمْلِهِمْ عَلَى مُحَاكَاةِ الْجَاهِلِينَ وَالْخَوْضِ مَعَهُمْ، وَعَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَاصِي وَالْفَسَادِ، تَذَكَّرُوا فَأَبْصَرُوا فَحَذِرُوا وَسَلِمُوا، وَإِنْ زَلُّوا تَابُوا وَأَنَابُوا، وَأَنَّ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَهُمُ الْجَاهِلُونَ غَيْرُ الْمُتَّقِينَ يَتَمَكَّنُ الشَّيَاطِينُ مِنْ أَهْوَائِهِمْ، فَيَمُدُّونَهُمْ فِي غَيِّهِمْ وَفَسَادِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَذْكُرُونَ اللهَ تَعَالَى إِذَا شَعَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ بِالنُّزُوعِ إِلَى الشَّرِّ وَالْبَاطِلِ وَالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، وَلَا يَسْتَعِيذُونَ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ نَزْغِ الشَّيْطَانِ وَمَسِّهِ فَيُبْصِرُوا وَيَتَّقُوا- إِمَّا لِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ، وَإِمَّا لِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ لِلْإِنْسَانِ شَيْطَانًا مِنَ الْجِنِّ يُوَسْوِسُ إِلَيْهِ وَيُغْرِيهِ بِالشَّرِّ- ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ وَلَا يَكُفُّونَ عَنْ إِغْوَائِهِمْ وَإِفْسَادِهِمْ؛ فَلِذَلِكَ يُصِرُّونَ عَلَى الشُّرُورِ وَالْفَسَادِ لِفَقْدِ الْوَازِعِ النَّفْسِيِّ وَالْوَاعِظِ الْقَلْبِيِّ، وَفِي هَذَا التَّفْسِيرِ عَوْدُ الضَّمِيرِ إِلَى الشَّيْطَانِ بِالْجَمْعِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْجِنْسُ لَا الشَّخْصُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ اسْتِعْمَالٌ عَرَبِيٌّ مَعْرُوفٌ، وَمِنْهُ: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ} (2: 257) وَقِيلَ: إِنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ عَلَى الْجَاهِلِينَ، أَيْ وَإِخْوَانُ أُولَئِكَ الْجَاهِلِينَ مِنَ الْإِنْسِ وَهُمْ شَيَاطِينُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي غَيِّهِمْ وَفَسَادِهِمْ، فَيَكُونُونَ أَعْوَانًا لِشَيَاطِينِ الْجِنِّ فِي ذَلِكَ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا الِاجْتِبَاءُ: افْتِعَالٌ وَاخْتِصَاصٌ مِنَ الْجِبَايَةِ. يُقَالُ. جَبَى الْعَامِلُ الْمَالَ يَجْبِيهِ وَجَبَاهُ يَجْبُوهُ، إِذَا جَمَعَهُ لِلسُّلْطَانِ الْقَيِّمِ عَلَى بَيْتِ مَالِ الْأُمَّةِ. وَاجْتَبَاهُ إِذَا جَمَعَهُ وَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ أَوِ احْتَازَهُ لَهَا، وَفِي الْكَشَّافِ: اجْتَبَى الشَّيْءَ بِمَعْنَى جَبَاهُ لِنَفْسِهِ أَيْ جَمَعَهُ كَقَوْلِكَ اجْتَمَعَهُ- أَوْ جُبِيَ إِلَيْهِ فَاجْتَبَاهُ أَيْ أَخَذَهُ، كَقَوْلِكَ جَلَيْتُ إِلَيْهِ الْعَرُوسَ فَاجْتَلَاهَا اهـ. وَالْآيَةُ هُنَا آيَةُ الْقُرْآنِ كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَوِ الْمُعْجِزَةُ الْمُقْتَرَحَةُ مِنْ قِبَلِ الْمُشْرِكِينَ كَمَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ.
وَالْمَعْنَى: وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ أَيُّهَا الرَّسُولُ بِآيَةٍ قُرْآنِيَّةٍ، بِأَنْ تَرَاخَى نُزُولُ الْوَحْيِ زَمَنًا مَا، قَالُوا: لَوْلَا افْتَعَلْتَ نَظْمَهَا وَتَأْلِيفَهَا وَاخْتَرَعْتَهَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِكَ؟ أَوْ إِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ مِمَّا اقْتَرَحُوا عَلَيْكَ قَالُوا: هَلَّا جَبَاهَا اللهُ لَكَ بِأَنْ مَكَّنَكَ مِنْهَا فَاجْتَبَيْتَهَا وَأَبْرَزْتَهَا لَنَا؟ قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي فَمَا أَنَا بِمُبْتَدِعٍ، وَلَا مُجْتَبٍ لِشَيْءٍ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ بِعِلْمِي وَبَلَاغَتِي، بَلْ أَنَا عَاجِزٌ عَنْ مِثْلِهِ كَعَجْزِكُمْ وَعَجْزِ سَائِرِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَفِي مَعْنَاهُ: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} (10: 15)- أَوْ مَا أَنَا بِقَادِرٍ عَلَى إِيجَادِ الْآيَةِ الْكَوْنِيَّةِ، وَلَا بِمُفْتَاتٍ عَلَى اللهِ فِي طَلَبِهَا، وَإِنَّمَا أَنَا مُتَّبِعٌ لِمَا يُوحَى إِلَيَّ فَضْلًا مِنْ رَبِّي عَلَيَّ أَنْ جَعَلَنِي الْمُبَلِّغَ عَنْهُ- وَمَا عَلَيَّ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ أَيْ: هَذَا الْقُرْآنُ الَّذِي أَوْحَاهُ إِلَيَّ بَصَائِرُ وَحُجَجُ نَاهِضَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ يَعُودُ مَنْ تَأَمَّلَهَا وَعَقِلَهَا بَصِيرَ الْعَقْلِ بِمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ؛ إِذْ هِيَ أَدَلُّ عَلَيْهِ مِمَّا تَطْلُبُونَ مِنَ الْآيَاتِ الْكَوْنِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَيْهِ مُبَاشَرَةً. وَقَدْ سَبَقَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} (6: 104) فَيُرَاجَعُ لِزِيَادَةِ الْبَيَانِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ أَيْ: وَهُوَ هُدًى كَامِلٌ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ، وَرَحْمَةٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لِلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِهِ: كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ أَيْضًا: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ} (6: 155- 157) الْآيَةَ، قِيلَ: إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} مُتَعَلِّقٌ بِالثَّلَاثَةِ. وَقِيلَ: بِالْهُدَى وَالرَّحْمَةِ؛ لِأَنَّ الْبَصِيرَةَ قَدْ يَتَأَمَّلُهَا الْعَاقِلُ فَيُؤْمِنُ.
{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} هَذِهِ دَلَالَةٌ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمُوصِّلَةِ لِنَيْلِ الرَّحْمَةِ بِالْقُرْآنِ، وَالْحَصَانَةِ مِنْ نَزْغِ الشَّيْطَانِ، وَهِيَ الِاسْتِمَاعُ لَهُ إِذَا قُرِئَ، وَالْإِنْصَاتُ مُدَّةَ الْقِرَاءَةِ، وَالِاسْتِمَاعُ أَبْلَغُ مِنَ السَّمْعِ، وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ بِقَصْدٍ وَنِيَّةٍ وَتَوْجِيهِ الْحَاسَّةِ إِلَى الْكَلَامِ لِإِدْرَاكِهِ، وَالسَّمْعُ مَا يَحْصُلُ وَلَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ، وَالْإِنْصَاتُ: السُّكُوتُ لِأَجْلِ الِاسْتِمَاعِ حَتَّى لَا يَكُونَ شَاغِلًا عَنِ الْإِحَاطَةِ بِكُلِّ مَا يُقْرَأُ. فَمَنِ اسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ كَانَ جَدِيرًا بِأَنْ يَفْهَمَ وَيَتَدَبَّرَ، وَهُوَ الَّذِي يُرْجَى أَنْ يُرْحَمَ. وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِمَاعِ وَالْإِنْصَاتِ لِلْقُرْآنِ إِذَا قُرِئَ، قِيلَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَعَلَيْهِ أَهْلُ الظَّاهِرِ، وَخَصَّهُ الْجُمْهُورُ بِقِرَاءَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَهْدِهِ، وَبِقِرَاءَةِ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ مِنْ بَعْدِهِ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ غَلَطٌ؛ فَإِنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ شُرِعَتْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدْبِ لَا لِلْوُجُوبِ، وَلَكِنْ رُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاةِ فَحُرِّمَ بِنُزُولِهَا الْكَلَامُ فِيهَا.